الأحد، ٢٧ يوليو ٢٠٠٨

Congenital Anomalies... العيوب الخِلقية


لم تكن هذه الكلمة تريحنى كثيراً، و لكنها لم تستوقفنى إلا قريباً.. و بعيداً عن الإغراق فى جدل قد لا ينقطع إذا أحلناها لبند الحلال و الحرام، و بأى حال لست الشخص الذى قد يخوض فى الفقه، فهذا له أهله ، و الذين أتمنى ألا يخوضوا فى مثل ذلك!!

و هنا قد يأتى السؤال و الذى قد يخشى كثير منا الخوض فيه، معتبراً إياه من الهرطقة، بل و قد يستغفر الله تعالى أن خطر شىء كهذا بباله ... و قد يتمسك به البعض الآخر دون تفكير حقيقى ظناً أنه هكذا قد يثبت نظريات بلغت الغاية فى سذاجة الخيال!!

** كيف يخلق من هو بمثل عظمة الله و تمام علمه و حكمته شيئاً به "عيوب" ؟!**

و هنا تتداخل الأفكار ما بين المنطقى و الساذج، و بين اليقين و الشك، فقد تظن أن هذا –ما يسمونه- خطأ الطبيعة .. و هذا يعفينا من الخوض فى السؤال أصلاً، فقد أحلنا الأمر إلى الطبيعة و ليس الخالق سبحانه و تعالى... و كان هذا ليكون صحيحاً فى حالة واحدة... إذا كانت الطبيعة هى الخالق !! و لكن من يؤمن بالله يؤمن أنه خالق كل شىء و هو على كل شىء قدير .... إذاً فهو ليس خطأ الطبيعة !!

إذاً، فهذا خطأ يأتى مع الكثرة، كما فى المصانع.... مع كثرة الصناعة و إرهاق الآلات تظهر مثل هذه الـ"عيوب" ، بدليل أن لكل منها معدل حدوث معروف يقاس بنسبته للمئة و مضاعفاتها !!! رأى هندسى يبدو منطقياً جداً، فى حالة واحدة؛ إذا كان البشر آلات صنعها من لا يحيط بظروف صنعه علماً .... و هذا ليس الحال هنا !!

و ها هو طبيب عالم، أو هكذا يقولون عنه، يأخذ فى شرح كيفية حدوث هذه الـ"عيوب" و كيف أن السبب هو تحولات و تغيرات فى المادة الوراثية للإنسان بسبب عدة عوامل بيئية أو غيرها، و يتحدث عن بعض الأمثلة لأطفال ولدوا كذلك، و متوسط أعمارهم، و كيف أن تطور العلم الحديث يمكن الأطباء اليوم من مد هذا المتوسط، و ابقائهم على قيد الحياة مدة أطول، و لكنها لا تكون كافية فى معظم الأحيان ليعيشوا – ما نصطلح عليه بـ - الحياة الطبيعية !!

و كل هذا قابل للنقاش و الأخذ و الرد ... و لكن مؤخراً راودتنى فكرة، مع النفاش فى مبدأ القضاء و القدر، و عن حقيقة كوننا مصيرين أم مخيرين... و هذا مثال رائع لمن يريد أن يثبت أن الانسان مصير لا يملك اختياراً، و كيف أن هؤلاء الأطفال الصغار فرض عليهم وضع لا مفر منه و لا اختيار لهم فيه !! كانت الفكرة أن من خلقه الله "مختلفاً" عن غيره – و كلنا مختلف- فهو مخلوق هكذا عمداً و ليس عن خطأ... و اذا اعتبرنا أن كل اختلاف عيب، فكلنا معيبون إذاً !!

و مما لا شك فيه أنّا لم نخلق هكذا عبثاً، و بالتأكيد لم يخلق غيرنا، أومن هم مختلفون عنا عبثا كذلك... فلماذا إذاً ؟؟ و هنا أجد الأمر منطقياً أكثر إذا بدأنا بالتفكير؛ لماذا نحن أولاً، قبل أن نسأل لماذا الآخرون ؟!
و هذا يدفعنا إلى الإجابة التى تعودنا عليها جميعاً : قال الله تعالى " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الذاريات 56 ... و هذا يفتح باب تساؤل آخر: ما تلك العبادة ، و ما صورتها المثلى ، الصورة المرادة ؟؟!! و تتسارع الاجابات إلى أذهاننا على هيئة كلمات كـ " الصلاة و الصوم ..." ، و أصوات كـ" الآذان و تلاوة القرآن بأصوات نحبها" ... و صور كـ "الكعبة و المآذن .... " الخ .. و تتبادر الأفكار والعناوين كـ " عمارة الأرض و الاستخلاف فيها ..."... و يأتى كل مؤمن بعقيدة ما ، أياً كانت ، بما يوازى ذلك فى اعتقاده .
و انطلاقا من هذا الفكر، إذا سلّمنا به، نصل إلى استنتاج هام جداً... أنه إذا كانت هذه هى العبادة المرادة من الله لخلقه، و مع العلم أن من خلقهم الله مختلفين قد لا يقدر بعضهم عليها، أو قد لا يعيش للسن التى تجعله مكلفأ بأدائها.... إذا أخذنا كل هذا فى الاعتبار فسنصل ثانيةً إلى نقس الاستنتاج: أنهم خلقوا عبثاً !!! .... حاشا لله .. !!

إذا دخلنا فى هذه الدائرة العبثية، والتى جررتكم إليها من خلال ما يسميه البعض بالتفكير المنطقى فسنظل فيها للأبد !! لذا ووجب علىّ اضافة بعض الأشياء التى قد تعيد الأمور إلى نصابها، و سأبدأ من حيث انتهيت:
- فكرة مراد الله تعالى من الـ"عبادة": أظنها فكرة أخرى قاصرة من أفكارى، إذ ظننت أن لله شكلا مرادا واحدا من كل خلقه، أو أن أحداً ما يستطيع الالمام به بل و الاستنتاج على أساسه ... وإذاً فلماذا أرسل رسل مختلفون، كل إلى قوم مختلفون، بشرائع تتفق فى الجوهر لا شك، و لكنها تختلف فى الظاهر ؟!!

أما بالنسبة للفكرة الأم، حتى لا ننسى ماذا أوصلنا إلى هنا فى المقام الأول ؛ و هذا لا يتعدى كونه نتاج تفكيرى القاصر للغاية !! فأظن أن جزءاً من الحكمة من وجود ما نسميه –خطأً- بالـ"عيوب الخلقية" هو أن نتعلم، كأى اختلاف خلقه الله كى يعلمنا " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا " الحجرات 13 ...و ربما يكون جزء من الفئة المراد تعليمها هم الأطباء، و ربما يكون جزء من الدرس هو أن العلم مهما بلغ من القدرة ، فهو محدود !

هذا و الله تعالى أعلى وأعلم.

أيمن والى
26/7/08



الثلاثاء، ١ يوليو ٢٠٠٨

نصف الكوب

و ظل عمره كاملاً يسمع أنه هكذا ينظر لنصف الكوب الفارغ، و أن عليه أن ينظر للنصف الممتلئ....


فظل بين صعود حاد و هبوط حاد لا يدوم أى منهما ما يكفى ليشعر بالاستقرار !


حتى فوجئ يوماً بمنظر مختلف لا يذكر أنه رآه يوماً... رأى الكوب كاملاً؛ نصفه ماء و نصفه الآخر هواء!


... و أدرك أنه هو الذى شرب ذاك النصف الآخر.








30/6/2008
أيمن والى