الاثنين، ١٩ يناير ٢٠٠٩

عار عليك !!


- ياااه.. مر زمن منذ تحدثنا آخر مرة ! اين كنت؟

- كنت مشغولاً .. مهموماً بالحرب .. و الحياة ... و بصراحة لم أكن بحاجة لسماع فلسفتك و نظرياتك !

- هممم .. بالحرب؟ تعنى انك كنت تشاهد المجازر فى الإعلام، و تجلس متأففاً، تسب وتلعن فى كل من يخطر ببالك، من الحكام الى الشعوب، حتى المسكين عم عبده البواب لم يسلم من لعناتك! أم كنت تشاهد السادة الـ"مسقّفين" يتناقشون أم كنت تتناقش مثلهم فى نظريات "من المخطئ؟!" ؟

- لاانكر انى سقطت فى هذا النقاش فى البداية، ولكن سرعان ما خرجت منه بل و لعنته !

- لتضيف ذلك الى قائمة لعناتك؟!

- ....
الا تفعل شيئاً إلا تسفيه ما افعل؟ لقد حاولت و فعلت اكثر من ذلك ..

- ماذا فعلت؟

- كنت ادعو الله النصر، و كنت احاول جمع التبرعات .. كنت ادخل منتديات لمناقشة القضية، احاول تقويض آراء المعارضين، و اقناع المنصفين .. كنت اشارك بتحميل المعونات على السيارات المتجهة الى غزة، كنت احاول البحث عن شىء افعله .. لم اتوقف و اقول كالعجزة، "وماذا نفعل؟" .. او كالخونة "عفواً غزة .. انا لست متضامن .. طالما تطاولوا على مصر، فلتدع اسرائيل تدكّهم حتى يدركوا مصير من يعض اليد التى امتدت له.." .. و مازلت تسخر منّى حتى الآن؟

- همم.. فعلت كل ذلك؟ لماذا؟

- لا اظنك تستطيع الكف عن تفلسفك الاجوف هذا، صحيح؟ .. ماذا تعنى بـ"لماذا" ؟

- اعنى أفعلت ما فعلت لنصرتهم أم لنصرة نفسك؟ حتى لا تكون مع من اسميتهم "العجزة" و "الخونة" ؟! حتى تستطيع النوم ليلاً وانت تشعر انك فعلت شيئا؟! حتى تستطيع النظر الى نفسك فى المرآة بهذا القناع الذى يغطى حقيقتك المقززة ؟!! .. دعنى اثبت لك .. كيف كنت تشعر وانت تفعل ذلك؟ كيف كنت تبدو؟ اما كانت تلك الابتسامة البلهاء تعلو وجهك ؟ اما كنت تستمتع بما تفعل ؟ اما اتتك الفكرة انك هكذا فعلت ما تستطيع ؟ اليست تلك نفس الفكرة التى تقول انك تحاربها؟ اما فعلت ذلك لتقول لى انك مختلف؟!!

.... عار عليك !!

- .....
اتعلم .. كل مرة انسى و آتى لاكلمك، و لكن هذه ستكون الاخيرة .. اتظن نفسك تعرف كل شىء؟ بالطبع لا .. سأذهب !!
و رن جرس الهاتف .. فأخذ مفاتيحه و اتجه لمقابلة أصدقائه فى صالة البولينج ! ...


أيمن والى
19/1/2009

الاثنين، ١٢ يناير ٢٠٠٩

اعرف عدوك(1): تاريخ صورة اليهود فى الادب العالمى

منذ القرن الـ16: كان اليهودى نموذج المرابى الذى يتاجر فى أرزاق الناس و يمتص دماءهم قولا و فعلا.. مثال "شايلوك" فى "تاجر البندقية" لشيكسبير
حتى الستينات من القرن الماضى حين ظهرت تراجيديا "مارلو" أو "يهودى مالطة" فى صورة مسرحية مضحكة عن طريق المبالغة فى تصوير نقائص اليهودى شكلا وسلوكا، و هكذا بدأ الجمهور يضحك مع اليهودى غير الواقعى بدلا من ادانة سلوكه
و كان اليهود ايضا قد استطاعوا بذكاء شديد تغيير صورة اليهودى من انسان ماكر يتاجر فى ارزاق الناس و يحتقر العمل اليدوى الى انسان مكافح يفتت الصخر و يزرع الصحراء بيديه!
... و تغيير صورة (المغفل) او (الماكر) او (الوضيع) يستدعى بالضرورة تغييراً حقيقياً لسلوك الطبقة التى تفرز النمط، و هذا ما نجح اليهود، بوعى و دراية كاملة، فى تحقيقه، مغيرين بذلك الصورة التقليدية لليهودى فى الادب العالمى... و هذا التغيير فى الواقع يحتاج لمواجهة كاملة لصورة الانسان عند الآخرين و التخطيط الواعى لاحداث تغيير فى هذه الصورة.... و من العناصر التى ساهمت فى احداث التغيير منذ بداية الحرب العالمية الثانية و حتى منتصف الستينات، و هى عناصر سياسية و نفسية متشابكة... كان اليهود قد نجحوا الى اقصى حد فى زرع عقدة الذنب لدى الغرب ثم تعهدوا زرعهم بالرعاية الى ان تأصل ذلك الاحساس حتى اصبح عقدة الغرب، و خاصة فى الولايات المتحدة التى اقتنع الرأى العام فيها بانهم جميعا اذنبوا حينما وقفوا يتفرجون و تركوا الحركة النازية تضطهد اليهود و تصفيهم و هذا الاحساس بالذنب هو الذى يفسر الى حد كبير تأييد الغرب و الشرق لانشاء دولة اسرائيل فى نهاية الامر.
و فى نفس الوقت فقد لعب اليهود، قبل قيام اسرائيل وبعدها، حتى عام 67 على الاقل دور الانسان الضعيف بذكاء سياسى كبير .. و هكذا اجتمعت الوان الاضطهاد النازى و عقدة الاضطهاد لدى الغرب و استضعاف اسرائيل الظاهرى لتغيير صورة اليهودى فى الادب و وسائل الاعلام الغربية عن طريق التحكم فى رأس المال. !!
من كتاب "الحلم الامريكى" ..د. عبد العزيز حمودة
مقال (صورة العربى بين الواقع والمثال) .. المنشور له فى الاهرام الدولى 31/8/1990 و 24/9/1990