الجمعة، ٩ أكتوبر ٢٠٠٩

عشوائيات

مع انى كنت قررت ابطّل اتكلم فى نفس الكلام اللى كلنا بنقوله، و من زمان !! بس ماعدتش قادر حتى اسكت، مع انى عارف ان الكلام مش هايفرق كتير !! عشان احنا مابنعملش حاجة غيره !!

و لكن ....

الكلام المرة دى عن "العشوائيات"؛ اللى هى مش المبانى الغير مرخصة مع انها مبررة، بل عن الافعال المرخصة مع انها غير مبررة !!!
يعنى مثلاً لما يكون هناك ذعر عام من وباء قد (او قل سوف) يتحول الى جائحة، و يكون سبب نشر الذعر ده مش بس مجموعة من الاطباء، لأ وكمان مجموعة من المصالح ... و فى النهاية تجد ان اقل نسبة من الاحتياطات و الاجراءات الوقائية فى "كليات الطب" .. مش دى تبقى عشوائية ؟!!

لما حوالى 6000 طالب:(5 دفعات من الطلبة ، متوسط عدد الطلبة لكل دفعة حوالى 1200) يبدأوا الدراسة فى يوم واحد، و اعمال الهدم و البناء فى الكلية(اللى هى اصلا ماكانش هناك حاجة ملحّة لانها تبدأ فى الوقت ده!!!) لم تنتهِ بعد، و بالتالى لا مكان للطلبة للوقوف (ما بالك بالجلوس)!!!طب و لما يزيد عليهم كمان 1200 بيمتحنوا البكالوريوس فى مبنى تحت الانشاء !!! مش دى تبقى عشوائية ؟!!

لما واحد يقرر انه يتبرع بدفعة من اطباء الامتياز (اللى هم لسه مش اطباء مرخصين لمزاولة المهنة، و بالتالى مازالوا لا يتبعوا وزارة الصحة) لمدة 5 شهور عشان يقدر يطلع يقول "انا عملت و عملت ... و الحكومة ما قصًّرتش !!... الى آخر الكلام الفارغ اياه..."مع انه هناك ناس اسمهم "اطباء التكليف" و "اطباء الصحة المدرسية" اللى يتبعوا وزارة الصحة بقطاعاتها، بس طبعاً ليه ينزلوا يعملوا شغلهم لما هناك ناس تانيه مالهمش دية ولا ثمن اسمهم "اطباء الامتياز" ماحدش باقى عليهم، ولا على تدريبهم على اساسيات مهنة الطب....!!! مش دى تبقى عشوائية ؟!!

لما نبقى بنتحرك بقرارات و تصريحات "عنترية" -أو "عبلوية"- لا خطة ولا يحزنون، لما نبقى بنسمع عن حاجة اسمها "الخطة الخمسية" اللى ماتعرفش بقى هى لـ5 ايه بالضبط، 5 دقايق و لا 5 ساعات ،و لا 5 ايام ... ولا ايه، بس تعرف انها اكيد مش 5 سنين !!! مش دى تبقى عشوائية ؟!!

لما يبقى مافيش قانون ولا شرع بيتطبق، بس فى آراء من الهراء يصفق لها و تطبق انحناء لاصحابها ... مش دى تبقى عشوائية ؟!!

لما تبقى بلدنا بلد مالهاش صاحب، و اللى عاوز يعمل حاجة بيعملها .. ازاى نلوم على اللى بيبنى بيت بدون ترخيص عشان يسكن فيه ، و نسمى البيوت دى "عشوائيات" .. فى حين اننا بقينا "بلد عشوائى" ... مش دى تبقى عشوائية ؟!!

و زى ما قال عمنا زمان :

الدنيا أودة كبيرة للأنتظار
فيها أبن أدم زيه زي الحمار
الهم واحد و الملل مشترك
و مفيش حمار بيحاول الأنتحار
....و عــجــبــي

الثلاثاء، ١٠ فبراير ٢٠٠٩

حتى نلتقى!

و حين أتاه ذلك الشعور الذى طالما تساءل عن ماهيته، ولكنه عرف دائماً أنه سيعرفه حين يأتى ...
فوضع القلم من يده،وكانت الصفحة لا ينقصها إلا أن تنهيها هى برأيها الذى طالما أكمل فكره و بخطها الذى لطالما عشقه... و لكنه هذه المرة لم ينادها إلى المكتب، ولكن أخذ القلم والأوراق و ذهب إليها فى غرفتها، فوضعت الكتاب الذى كان بيدها جانباً، "لقد كنت فى طريقى إليك"؛ قالتها بصوتها الدافئ.
فتقدم نحوها وفى عينيه تلك النظرة، مصحوبة بتلك الابتسامة الهادئة التى كانت دائما تستفزها ولكنها كانت تشعرها دائماً أن كل شىء سيكون على ما يرام ... و قد كانت هى الأخرى تشعر باقتراب تلك اللحظة و لكنها تأبى أن تصدق ذلك ... فطبع قبلة بين عينيها و همس فى أذنها "حتى نلتقى !!" .. ثم أراح رأسه على صدرها، أحن وأدفأ مكان فى وجوده، و الذى لم يضاهه إلا صدر أمه حين كان صغيراً... ونظر إليها، فبللت دمعة تسللت من تحت نظارتها خدّه ... فقال بصوته الهادئ المبتسم "لا إله إلا الله"، و أصابعه تتخلل شعرها الأسود المسدل كالليل تداعبه على استحياء خطوط بيضاء من نور ..
ثم نظر للنافذة المفتوحة على السماء والشمس تبعث رسلها لتشق ظلمتها، فسمع صوتها تردد، محاولة استجماع كل قوتها، كما اعتادت حين يفترقا؛"محمد رسول الله"
فتبدلت ابتسامة الهدوء على وجهه بابتسامة أخرى لم يكن ليفهمها أحد سواها -كالعادة- ، وتسللت نفس الابتسامة الى وجهها لتباعد بين مجريا الدموع من قلبها إلى قلبه.
و صارت رأسه تثقل على صدرها شيئاً فشيئا، فأخذت الورق والقلم و خطّت ، ودموعها تسيل؛ تزيد حرارتَها البرودةُ التى أخذت تعلو وجهه المبتسم، "و هنا تنتهى رحلة ساهمت فى تكوين هذا العالم كما نعرفه، لتبدأ أخرى...
و... حتى نلتقى ! ... "


أيمن والى
28/8/08

الاثنين، ١٩ يناير ٢٠٠٩

عار عليك !!


- ياااه.. مر زمن منذ تحدثنا آخر مرة ! اين كنت؟

- كنت مشغولاً .. مهموماً بالحرب .. و الحياة ... و بصراحة لم أكن بحاجة لسماع فلسفتك و نظرياتك !

- هممم .. بالحرب؟ تعنى انك كنت تشاهد المجازر فى الإعلام، و تجلس متأففاً، تسب وتلعن فى كل من يخطر ببالك، من الحكام الى الشعوب، حتى المسكين عم عبده البواب لم يسلم من لعناتك! أم كنت تشاهد السادة الـ"مسقّفين" يتناقشون أم كنت تتناقش مثلهم فى نظريات "من المخطئ؟!" ؟

- لاانكر انى سقطت فى هذا النقاش فى البداية، ولكن سرعان ما خرجت منه بل و لعنته !

- لتضيف ذلك الى قائمة لعناتك؟!

- ....
الا تفعل شيئاً إلا تسفيه ما افعل؟ لقد حاولت و فعلت اكثر من ذلك ..

- ماذا فعلت؟

- كنت ادعو الله النصر، و كنت احاول جمع التبرعات .. كنت ادخل منتديات لمناقشة القضية، احاول تقويض آراء المعارضين، و اقناع المنصفين .. كنت اشارك بتحميل المعونات على السيارات المتجهة الى غزة، كنت احاول البحث عن شىء افعله .. لم اتوقف و اقول كالعجزة، "وماذا نفعل؟" .. او كالخونة "عفواً غزة .. انا لست متضامن .. طالما تطاولوا على مصر، فلتدع اسرائيل تدكّهم حتى يدركوا مصير من يعض اليد التى امتدت له.." .. و مازلت تسخر منّى حتى الآن؟

- همم.. فعلت كل ذلك؟ لماذا؟

- لا اظنك تستطيع الكف عن تفلسفك الاجوف هذا، صحيح؟ .. ماذا تعنى بـ"لماذا" ؟

- اعنى أفعلت ما فعلت لنصرتهم أم لنصرة نفسك؟ حتى لا تكون مع من اسميتهم "العجزة" و "الخونة" ؟! حتى تستطيع النوم ليلاً وانت تشعر انك فعلت شيئا؟! حتى تستطيع النظر الى نفسك فى المرآة بهذا القناع الذى يغطى حقيقتك المقززة ؟!! .. دعنى اثبت لك .. كيف كنت تشعر وانت تفعل ذلك؟ كيف كنت تبدو؟ اما كانت تلك الابتسامة البلهاء تعلو وجهك ؟ اما كنت تستمتع بما تفعل ؟ اما اتتك الفكرة انك هكذا فعلت ما تستطيع ؟ اليست تلك نفس الفكرة التى تقول انك تحاربها؟ اما فعلت ذلك لتقول لى انك مختلف؟!!

.... عار عليك !!

- .....
اتعلم .. كل مرة انسى و آتى لاكلمك، و لكن هذه ستكون الاخيرة .. اتظن نفسك تعرف كل شىء؟ بالطبع لا .. سأذهب !!
و رن جرس الهاتف .. فأخذ مفاتيحه و اتجه لمقابلة أصدقائه فى صالة البولينج ! ...


أيمن والى
19/1/2009

الاثنين، ١٢ يناير ٢٠٠٩

اعرف عدوك(1): تاريخ صورة اليهود فى الادب العالمى

منذ القرن الـ16: كان اليهودى نموذج المرابى الذى يتاجر فى أرزاق الناس و يمتص دماءهم قولا و فعلا.. مثال "شايلوك" فى "تاجر البندقية" لشيكسبير
حتى الستينات من القرن الماضى حين ظهرت تراجيديا "مارلو" أو "يهودى مالطة" فى صورة مسرحية مضحكة عن طريق المبالغة فى تصوير نقائص اليهودى شكلا وسلوكا، و هكذا بدأ الجمهور يضحك مع اليهودى غير الواقعى بدلا من ادانة سلوكه
و كان اليهود ايضا قد استطاعوا بذكاء شديد تغيير صورة اليهودى من انسان ماكر يتاجر فى ارزاق الناس و يحتقر العمل اليدوى الى انسان مكافح يفتت الصخر و يزرع الصحراء بيديه!
... و تغيير صورة (المغفل) او (الماكر) او (الوضيع) يستدعى بالضرورة تغييراً حقيقياً لسلوك الطبقة التى تفرز النمط، و هذا ما نجح اليهود، بوعى و دراية كاملة، فى تحقيقه، مغيرين بذلك الصورة التقليدية لليهودى فى الادب العالمى... و هذا التغيير فى الواقع يحتاج لمواجهة كاملة لصورة الانسان عند الآخرين و التخطيط الواعى لاحداث تغيير فى هذه الصورة.... و من العناصر التى ساهمت فى احداث التغيير منذ بداية الحرب العالمية الثانية و حتى منتصف الستينات، و هى عناصر سياسية و نفسية متشابكة... كان اليهود قد نجحوا الى اقصى حد فى زرع عقدة الذنب لدى الغرب ثم تعهدوا زرعهم بالرعاية الى ان تأصل ذلك الاحساس حتى اصبح عقدة الغرب، و خاصة فى الولايات المتحدة التى اقتنع الرأى العام فيها بانهم جميعا اذنبوا حينما وقفوا يتفرجون و تركوا الحركة النازية تضطهد اليهود و تصفيهم و هذا الاحساس بالذنب هو الذى يفسر الى حد كبير تأييد الغرب و الشرق لانشاء دولة اسرائيل فى نهاية الامر.
و فى نفس الوقت فقد لعب اليهود، قبل قيام اسرائيل وبعدها، حتى عام 67 على الاقل دور الانسان الضعيف بذكاء سياسى كبير .. و هكذا اجتمعت الوان الاضطهاد النازى و عقدة الاضطهاد لدى الغرب و استضعاف اسرائيل الظاهرى لتغيير صورة اليهودى فى الادب و وسائل الاعلام الغربية عن طريق التحكم فى رأس المال. !!
من كتاب "الحلم الامريكى" ..د. عبد العزيز حمودة
مقال (صورة العربى بين الواقع والمثال) .. المنشور له فى الاهرام الدولى 31/8/1990 و 24/9/1990