الأربعاء، ٣٠ أبريل ٢٠٠٨

النفاق المعكوس

النفاق هو "أن يظهر الشخص عكس ما يبطن".. و جرى العرف على إطلاق ذلك على من يظهر الخير و يخفى الشر بوجه عام، و كان لهذا المنافق عادةً سبب للنفاق، غالباً ما يكون الخوف من قوة الخيروتناقض هذا مع اعتناقه التام للشر هو ما يدفعه إلى تناقض الموقف !

و على كل حال، ليس موضوعنا تحليل نفسية المنافق... فهذا مجال آخر !

ولكن موضوعنا هو أغرب من ذلك، على الأقل بالنسبة لى، و هو أن يقوم من يعتنق الخير بالشر!! و لم أجد لذلك اسماً إلا "النفاق المعكوس" !! فحين يكون السر خيراً، و العلن شراً، و هو ما يجعل أسباب المنافق التقليدى أكثر منطقية !!!

فلماذا إذاً؟

ماذا يجعل من يؤمن بالخير تمام الإيمان يفعل الشر؟؟!

اعتدت الظن أن "الغباء" هو السبب، و لكن هذا سبب عام أكثر من اللازم ... ف"الغباء" – لغةً- هو الخفاء (فنقول غبى الشىء عن فلان غباءً: أى خفى عليه فلم يعرفه) و هذا يعيدنا إلى أن السبب "غير معروف" !!

و للإيضاح؛ أنا لا أقصد هنا الأفعال الجسيمة بحجم الإيمان والكفر، مع أنها تظل خاضعة لنفس القواعد، و لكنها تلك الأشياء البسيطة فى حياتنا، و التى قد لا نلقى لها بالاً؛ كأن تعرف قيمة الوقت ثم تضيعه، أليس هذا نفاقاً "معكوساً" أو أن تدفع الناس للعمل بإتقان و تضيع إتقانك عملك !!! .... إلى آخر تلك الأشياء التى لا نلقى لها بالاً، و هذا من أهم أسباب فشلنا.. ربما ليس كأفراد، و لكن كأمّة و مجتمعات .. أليس كذلك؟

نعود للسؤال.... لماذا؟

هل سنتذرع بالشيطان وبالنفس الأمارة بالسوء .... و هذه الكلمات الكثيرة التى لا تزال لا تصل بنا إلى سبب محدد، ونكون هكذا قد أرحنا أنفسنا و أحلنا القضية إلى الغيبيات ؟! فكلها مترادف أو متشابه، و أياً منها لا يرقى إلى مستوى الإجابة!!! فالإنسان هو من يوجه نفسه، و الشيطان ليس له عليه من سلطان !!

و هذا يدفعنى للتساؤل فى أصل الاعتقاد، هل هو اعتقاد و إيمان حقيقى؟ أم مجرد مجاراة لما هو شائع من الشعارات –و التى صارت أكثر ما نصادفه فى حياتنا-؟ هل هو مجرد تظاهر باعتناق قيم و مثل عليا؟ هل هو تظاهرنا أمام أنفسنا؟ هل وصلنا إلى درجة "الغباء" التى تجعلنا نخدع أنفسنا و نصدق الخدعة، ثم نتسائل لماذالا نفعل ما نؤمن به؟؟!!

أظننى وصلت إلى التساؤل الأدق: ....

هل هو "نفاق معكوس"، أم هومجرد "نفاق" ؟

أيمن والى

13/4/2008



هناك ٤ تعليقات:

غير معرف يقول...

د. أيمـــن

كان دوما لي استفسار....لـمَ نبحث عن نية الشخص إذا فعل خيراً... ونكتفي بالظاهر من الفعل السيء

ولربما إن اتخذنا رد فعل عكسي يكون أصح....!!!!

لربما كان أفضل لنا...أن نفترض حسن النوايا...دون تدقيقٍ لا لزوم له!!

وكالعادة تأتي كلمة يونس شلبي الشهيرة:::: "ربـمــا"

قبل افتراض سوء النية...نقول "ربما"

** درسي المستفاد**:
ليس درساً بقدر ِكونِه...تذكراً لمقولةٍ لابراهام لنكولن:
" أنا أمشي ببطء، ولكن لـم يحدث أبداً أنني مشيتُ خطوةً واحدةً للوراء.."

تشابهتما هاهنا!!!

Ayman يقول...

نـدى'
أتفق معك تماماً.. "لربما كان أفضل لنا...أن نفترض حسن النوايا...دون تدقيقٍ لا لزوم له!!" بالطبع .. و لكن ماذا عن نوايانا نحن لا نوايا الآخرين؛ ألا يجدر بنا التدقيق فيها ؟!

أما عن لينكولن ... الله يجبر بخاطرك :))) ... و لكنه قد حدث أنى مشيت للوراء !!

كالعادة، تعليقك يدهشنى :)))
أشكرك للمرور الرائع

غير معرف يقول...

لا أعلم يا سيدي الفاضل...إن كنت تابعت آخر لقاء ل" معز مسعود" ع "المحور"...... تحدث فيه...عن إننا نصل لدرجة ما من الإيمان والإخلاص عندما نتوقف عن إساءة الظن بالناس كلها...عدا أنفسنا.....

أعتقد الصورة اتضحت هكذا :)

وربنا يبارك ف الموهبة الكتابية والأدبية الرائعة دي بجد :))

أما عن الرجوع للوراء....لم أشهد تلك المرحلة...فلاتعنيني....:)

Ayman يقول...

نـدى'
ربنا يبارك فيكى يا فندم، و فى تشجيعك لاصحاب المواهب المتواضعة أمثالى !

و كالعادة.. أسعدنى مرورك كثيراً، و كما يبدو أنه سيصير عادة؛ أدهشنى تعليقك :))

دام احساسك بالجمال، و الذى ينعكس على رؤيتك للأشياء :)
نورتى مدونتك :)