الاثنين، ١٢ يناير ٢٠٠٩

اعرف عدوك(1): تاريخ صورة اليهود فى الادب العالمى

منذ القرن الـ16: كان اليهودى نموذج المرابى الذى يتاجر فى أرزاق الناس و يمتص دماءهم قولا و فعلا.. مثال "شايلوك" فى "تاجر البندقية" لشيكسبير
حتى الستينات من القرن الماضى حين ظهرت تراجيديا "مارلو" أو "يهودى مالطة" فى صورة مسرحية مضحكة عن طريق المبالغة فى تصوير نقائص اليهودى شكلا وسلوكا، و هكذا بدأ الجمهور يضحك مع اليهودى غير الواقعى بدلا من ادانة سلوكه
و كان اليهود ايضا قد استطاعوا بذكاء شديد تغيير صورة اليهودى من انسان ماكر يتاجر فى ارزاق الناس و يحتقر العمل اليدوى الى انسان مكافح يفتت الصخر و يزرع الصحراء بيديه!
... و تغيير صورة (المغفل) او (الماكر) او (الوضيع) يستدعى بالضرورة تغييراً حقيقياً لسلوك الطبقة التى تفرز النمط، و هذا ما نجح اليهود، بوعى و دراية كاملة، فى تحقيقه، مغيرين بذلك الصورة التقليدية لليهودى فى الادب العالمى... و هذا التغيير فى الواقع يحتاج لمواجهة كاملة لصورة الانسان عند الآخرين و التخطيط الواعى لاحداث تغيير فى هذه الصورة.... و من العناصر التى ساهمت فى احداث التغيير منذ بداية الحرب العالمية الثانية و حتى منتصف الستينات، و هى عناصر سياسية و نفسية متشابكة... كان اليهود قد نجحوا الى اقصى حد فى زرع عقدة الذنب لدى الغرب ثم تعهدوا زرعهم بالرعاية الى ان تأصل ذلك الاحساس حتى اصبح عقدة الغرب، و خاصة فى الولايات المتحدة التى اقتنع الرأى العام فيها بانهم جميعا اذنبوا حينما وقفوا يتفرجون و تركوا الحركة النازية تضطهد اليهود و تصفيهم و هذا الاحساس بالذنب هو الذى يفسر الى حد كبير تأييد الغرب و الشرق لانشاء دولة اسرائيل فى نهاية الامر.
و فى نفس الوقت فقد لعب اليهود، قبل قيام اسرائيل وبعدها، حتى عام 67 على الاقل دور الانسان الضعيف بذكاء سياسى كبير .. و هكذا اجتمعت الوان الاضطهاد النازى و عقدة الاضطهاد لدى الغرب و استضعاف اسرائيل الظاهرى لتغيير صورة اليهودى فى الادب و وسائل الاعلام الغربية عن طريق التحكم فى رأس المال. !!
من كتاب "الحلم الامريكى" ..د. عبد العزيز حمودة
مقال (صورة العربى بين الواقع والمثال) .. المنشور له فى الاهرام الدولى 31/8/1990 و 24/9/1990

ليست هناك تعليقات: