الخميس، ١ فبراير ٢٠٠٧

كفيف !!


رأيته سائرا على الكورنيش، يهتدى بعصاه الطويلة التى يتحسس بها الأشياء محاولاً الاستعاضة بحواسه الأخرى عن البصر!! أعمى العينين مبصر يمشى و مبصر العينين أعمى يشاهد!! و بينما الحال على ذلك و نفسى تحدثنى؛ أأذهب فأساعده، أم أمضى فى طريقى تاركاً إياه يتصرف... حتى بدأ يتعثر و هنا كان القرار بأن أساعده؛ فسألته عن مقصده فأجابنى:"أبحث عن مكان أجلس فيه"، فأخذته إلى أقرب كرسى من الكراسى المقامة على الكورنيش- و التى غالباً ما تكون مشغولة بشاب و فتاة فى وضع حميمى- ثم تركته ليجلس آملاً أن يتحلى هذا الشاب و فتاته بشىء من اللياقة و يفسحان المكان للرجل ليجلس فيحظى بحقه من الاستمتاع بالطبيعة و ان كان لا يراها، و لكن هذا لم يحدث فوجدت الرجل و قد قام من المكان ليبحث عن غيره!! و هنا عادت نفسى تحدثنى: أأذهب إليه ثانيةً أم أمضى فى بحثى عن مواصلة تقلنى إلى حيث أريد، فذهبت إليه و سألته ببلاهة: "ألم يعجبك المكان؟" فأخبرنى أنه لم يعجبه، و سألنى عن مكان آخر يستطيع الجلوس فيه، فاحترت: أآخذه إلى مكان آخر أم أعطيه إرشادات ليصل و أمضى إلى موعدى الذى كنت قد تأخرت عليه بالفعل؟! ، و لم أعرف ماذا يريد هو؟ !! فأرشدته إلى الطريق و ذهبت أنتظر المواصلات و أنا أحاول مراقبته.... حتى توارى الرجل عنى فى الزحام و لكن صورته لم تفارقنى لبعض الوقت؛ فهذا الرجل أيما كانت الظروف التى أتت به إلى هنا فها هو قد أصر أن يستمتع بالجلوس على شاطئ البحر و لم يردعه ما قد يبدو من موانع كثيرة، أولها السؤال الذى قد يتبادر للسذج أمثالى: و هل سيرى شيئاً أصلاً؟ إذا فلم هذا الإصرار و كأن السائل قد حكم على من فقد أحد حواسه أن يلزم بيته تماماً!!! .... و سألت نفسى: ماذا كنت سأفعل لو كان معى أحد أعرفه؟؟ أكان سيدفعنى الرياء إلى أن آخذ الرجل من يديه إلى حيث يريد؟!! ثم راودنى خاطر آخر: ماذا لو كنت مكانه؟؟ أتتخيل إن فقدت بصرك سثكون بإصرار هذا الرجل؟ أم تراك ستلزم بيتك؟؟ أتراك ستتحسر على بصرك المفقود أم على عدم الانتفاع به قبل أن يفقد؟؟ أم على إفسادك إياه بمناظر غير مقبولة و غير مفيدة؟؟ هنا أحسست للمرة الأولى تقريبا بالفرق بين أعمى البصر و أعمى البصيرة !!!

هناك ٤ تعليقات:

Unknown يقول...

الله ينور على المقال الجميل ده وربنا ينفعنا كلنا بما فيه من معان وتاملات كثيرة ونتذكر نعم الله علينا ونحافظ عليها وادعو الله لك بالتوفيق والسداد فى حياتك

أحمد الديب يقول...

جميل جدا
جدا
فعلا الجمال في عين الرائي
جعل الله الحكمة دوما في بصيرتك

Ayman يقول...

ايهاب
أعتذر عن الرد المتأخر جداً :(
الله ينور عليك انت يا ريس
و أشكرك على التعليق الجميل... ابقى تعالى على طول :))

Ayman يقول...

ديب... عمنا الكبير
الجميل هو مرورك
و نتقابل فى الجنوب ان شاء الله :)))